خليج غينيا كمحور الحرب الباردة القادمة بإفريقيا - حكيم ألادي نجم الدين

الأحد، 15 مايو 2022

خليج غينيا كمحور الحرب الباردة القادمة بإفريقيا

يتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بسبب خطة صينية لإقامة قاعدة عسكرية بحرية في المحيط الأطلسي بغينيا الاستوائية؛ ما يؤشر على أن خليج غينيا سيكون محور التنافس الدولي بإفريقيا في السنوات القادمة.


ولنتحدث أولا عن أهمية خليج غينيا:


يحتل خليج غينيا مكانة استراتيجية لكونه في الجزء الشمالي الشرقي من المحيط الأطلسي الاستوائي من "كيب لوبيز" في الغابون، شمالًا وغربًا إلى رأس النخيل في ليبيريا. ويمتد الخليج من السنغال إلى أنغولا، ويغطي ما يقرب من 6000 كيلومتر من الساحل. 

وبالتالي كان خليج غينيا منطقة شحن مهمة لنقل النفط والغاز والبضائع من وإلى وسط وجنوب إفريقيا وأماكن أخرى.


وتضم منطقة خليج غينيا 17 دولة إفريقية من السنغال إلى أنغولا, وتتكون دول حوض الخليج من ليبيريا وساحل العاج وغانا وتوغو وبنين وغينيا كوناكري ونيجيريا والكاميرون وغينيا الاستوائية والغابون وساو تومي-برينسيبي وجمهورية الكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا.


وفيما يتعلق بالموارد الطبيعية؛ يتمتع خليج غينيا باحتياطات هائلة من الهيدروكربونات والمعادن (الماس والقصدير والكوبالت), وموارد سمكية جعلتْه أحد أغنى مناطق الصيد في العالم. ويمثّل الخليج 25 في المائة من الحركة البحرية الأفريقية ويحوي قرابة 20 ميناءًا تجاريًا.


وفي عام 2001 تأسست "لجنة خليج غينيا" بموجب المعاهدة الموقعة في ليبرفيل بدولة الغابون. وتضم اللجنة أنغولا وساو تومي-برينسيبي والغابون  وغينيا الاستوائية والكونغو ونيجيريا. وتهدف اللجنة إلى التعاون وتعزيز السلام والأمن لتحقيق التنمية المتناغمة للدول الأعضاء.


وعودة إلى الموضوع الرئيس:

فقد كشف تقرير حديث أن الصين تكثّف خططها لإنشاء قواعد بحرية في شرق وغرب القارة، وأنّ إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" اكتشفت هذه الخطة في العام الماضي مما أثار استياءها. وكانت النتيجة أن عزمت الولايات المتحدة الأمريكية بحث طرق اعتراض الخطة وعدم السماح للبحرية الصينية بتعزيز وجودها الإفريقي.


وقد نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في ديسمبر 2021 عن تقارير استخباراتية أمريكية سرية بأن الصين تعتزم إقامة قاعدة في ميناء "باتا" الواقع على الساحل الأطلسي لدولة غينيا الاستوائية الواقعة في وسط أفريقيا والتي يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني شخص فقط. 


وفي وجهة نظر المسؤولين الأمركيين يكمن الخطر في أن الخطة ستمنح الصين وجودًا بحريًا على المحيط الأطلسي، وستسهّل عمليات سفن جيش التحرير الشعبي الصيني (PLAN) من خلال إعادة تسليحها وإعادة تجهيزها نحو الساحل الشرقي للولايات المتحدة, مما يعني تهديدا للمصالح الأمريكية وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".


ومن وجهة نظري الشخصي:


تؤكد جميع التطورات المتعلقة بموضوع خليج غينيا على أن هناك خطوات استباقية صينية للتأثير في "لجنة خليج غينيا" من خلال بعض أعضائها المقربين لها, وأننا سنرى قريبا تحالفات وخططا دولية مختلفة ستسعى أصحابها من خلالها الحصول على حصة من الخليج وخيراته. بينما الأفارقة أصحاب الخليج بعيدون عن المعادلة؛ فالاستياء الأمريكي من الخطة الصينية لإقامة قاعدة عسكرية بحرية في الخليج لا يعني أن أمريكا تقاتل من أجل المصالح الإفريقية, مع العلم أن هناك مساعي لإنشاء تحالف أمريكي-أوروبي بهدف مواجهة الصين في خليج غينيا.


كما أن الخطة الصينية لا تعني أن الصين تهتم لمصلحة الأفارقة رغم المساعدة التي تقدمها الصين لـ "بناء القدرات" في المنطقة بما في ذلك تسليم زوارق وسفن دورية حديثة إلى أساطيل خليج غينيا لمواجهة القرصنة. بل يمكن القول بأن الهدف من تقديم الصين لهذه المساعدات هو لتعزيز نفوذها, حيث كان الصيد الجائر الذي تمارسه الصين منذ السنوات الماضية في الخليج يهدّد تنمية قطاع صيد الأسماك في غرب إفريقيا وتعيق أعمال الصيادين الأفارقة ومصدر توظيفهم. ولم نرَ إلى اليوم خطوة جدية من الحكومات الإفريقية المعنية ضد التجاوزات الصينية في مياهها. 


أضيف إلى ما سبق أن ما يثير الاهتمام الدولي في خليج غينيا؛ أن الخليج موطن 4.5 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم و 2.7 في المئة من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة. وثلثا هذه الاحتياطيات يتركز داخل المنطقة الاقتصادية التابعة لدولة نيجيريا التي يشكل قطاعها النفطي 75 في المائة من إيرادات الدولة و 90 في المائة من إجمالي صادراتها.


وأخيرا, يمكن النظر إلى خطة الصين لإقامة قاعدة بحرية في غينيا الاستوائية كاستجابة صينية للوجود العسكري الأمريكي في تايوان وتوغلات البحرية الأمريكية في بحر الصين. وهذه الطموحات الصينية – كما لاحظ كلّ من "فوستينو هنريكي" و "فرانسوا ميسير" قد تسبب أزمة مماثلة لما حدثت في كوبا في ستينيات القرن الماضي، وقد تُزيد من اهتمام منظمة "حلف شمال الأطلسي" (الناتو) بإفريقيا من خلال استئناف ما بدأته في عام 2006 عندما نظّمت عملية بحرية باسم "Steadfast Jaguar" في الرأس الأخضر (كيب فردي).


ـــــــــ

أهم المصادر والمراجع:

- Gulf of Guinea

https://www.britannica.com/place/Gulf-of-Guinea

- Tensions grow between Beijing and Washington over military bases in Gulf of Guinea

https://www.africaintelligence.com/the-continent/2022/05/13/tensions-grow-between-beijing-and-washington-over-military-bases-in-gulf-of-guinea,109784520-eve

- A Transatlantic Approach to Address Growing Maritime Insecurity in the Gulf of Guinea

https://www.csis.org/analysis/transatlantic-approach-address-growing-maritime-insecurity-gulf-guinea

- EU Maritime Security Factsheet: The Gulf of Guinea

https://www.eeas.europa.eu/eeas/eu-maritime-security-factsheet-gulf-guinea_en

- The History of Exploitation Behind the Gulf of Guinea Piracy

https://www.africanews.com/2021/02/08/the-history-of-exploitation-behind-the-gulf-of-guinea-piracy/

- China Seeks First Military Base on Africa’s Atlantic Coast, U.S. Intelligence Finds

https://www.wsj.com/articles/china-seeks-first-military-base-on-africas-atlantic-coast-u-s-intelligence-finds-11638726327