القروض الصينية للدول الأفريقية.. مقابل السيادة الوطنية؟ - حكيم ألادي نجم الدين

الأحد، 23 سبتمبر 2018

القروض الصينية للدول الأفريقية.. مقابل السيادة الوطنية؟

لقد تحقّق أحد المخاوف التي أثرتُها في تقريري عن "العلاقات الصينية – الأفريقية", والذي نُشِر قبل يوم من القمة (الأخيرة) لـ"منتدى التعاون الصيني الإفريقي (FOCAC).

أما الضحية الأولى؟ فهي دولة زامبيا!

يُحذّر الخبراء باستمرار زعماءَ ومسئولي الحكومات الأفريقية من عواقب القروض والصفقات التي يوقعونها مع الصين, ويشيرون إلى ضرورة التعلم مما حدث لـ"سريلانكا" في ديسمبر 2017م؛ حيث لقِيَ تعامل الصين مع هذه الدولة الجزرية في جنوب آسيا استياء وانتقادات واسعة لعدم استطاعتها دفع ديونها للصين.

وحسبما ذكرت "نيويورك تايمز": أعادت الصين التفاوض بشأن شروط الديون المستعصية مع سيريلانكا، مقابل الحصول على ملكية ميناء "هامبانتوتا" و 15 ألف فدان من الأراضي المحيطة على شكل عقد إيجار لمدة 99 عامًا على هذه الممتلكات.

"وقد جلب هذا (الحدث) بعض المخاوف السيادية"؛ يقول "لوك باتي"، باحث كبير في المعهد الدانمركي للدراسات الدولية, وأضاف: "هناك مخاوف من أن الديون الصينية ليست مجرد قضية اقتصادية، بل يمكن أن تتحول بسرعة إلى تدخل سياسي، وتدخل تجاري، وحتى وجود عسكري متزايد".

وبالفعل, وقع ما يحذرون منه؛ إذ كشف تقرير "أفريكا كونفيدنشيال" مؤخرا عن أن المحادثات جارية بين زامبيا وشركة صينية للاستحواذ على شركة الكهرباء الوطنية (Zesco).

وبهذا, تخاطر زامبيا – وغيرها من الدول الأفريقية - بفقدان سيادتها للصين حيث أن الصين ستسيطر على الأصول الوطنية حالما تخلفت الحكومة عن دفع وسداد قروضها.

بل أشارت "أفريكا كونفيدنشيال" في تقرير منشور في 3 سبتمبر, بعنوان "السندات والفواتير والديون الكبيرة" ، أن هيئة الإذاعة الوطنية الزامبية (ZNBC) أصبحتْ تدار من قبل الصينيين, بينما تجري المحادثات كي تستحوذ شركة صينية على "شركة الكهرباء الوطنية الزامبية" (Zesco).

وكان تحفظي الشخصي حول هذه الصفقات مع الصين؛ أن الصينيين هم من يديرون غالبية المشاريع التي تُقام في أفريقيا بينما يعاني الشعوب الأفريقية من البطالة – وخصوصا الشباب منهم.

فما فائدة مشاريع البنية التحتية في دولة أفريقية إذا كان شعب تلك الدولة لن يحظى بإدارتها لحوالي 10-20 سنوات؟!

كما أن الشركات المحلية وخاصة - الشركات الناشئة منها – تعاني بشدة بسبب الواردات الصينية التي تَقضي على قطاعات التصنيع المحلية، وتضعف نهوض الشركات الأفريقية.

ومع ذلك، فإن تداعيات هذه الصفقات الصينية الأفريقية تقع على عاتق الحكومات الأفريقية, بل هي المسئولة بشكل كامل عنها لعدة أسباب أهما؛ غياب الرؤية من هذه الحكومات لاستغلال وتسخير العلاقات التجارية بينها والصين لمنفعة شعوبها والمنافع المتبادلة.

كما أن الحكومات الأفريقية غالبا ما تفتقر إلى الشفافية فيما يتعلق بالتجارة والاتفاقات الثنائية مع الصين. وكأنها تتعمد إخفاء الحقيقة عن المواطنين مما قد تخلق مظاهرات أو انتقادات لاذعة - كما هي الحال الآن في زامبيا بعد ظهور تقارير الاستيلاء الصيني على المؤسّستَين الوطنيتين.

وبالنسبة للصين, فهي حتى الآن ناجحة في خطّتها الاستراتيجية التي تهدف إلى توسيع التجارة مع أفريقيا, لأنها واحدة من الطرق التي تمكّنها من تقليل المخاطر الناجمة عن النزاع التجاري الأمريكي.. وهي استراتيجية واضحة وصريحة في القمة الثالثة الأخيرة التي استضافتها في بكين.