السياحة في أفريقيا.. نجاحات وتطلعات لمسبقبل أفضل - حكيم ألادي نجم الدين

الأحد، 20 أكتوبر 2019

السياحة في أفريقيا.. نجاحات وتطلعات لمسبقبل أفضل

في دراسته عن إمكانات السياحة في إفريقيا؛ أشار الباحث الكاميروني "لادري سيغني" إلى أن إفريقيا شهدت بعد نهاية الحرب الباردة بين عامي 1995 و2010م طفرة مبدئية في قطاع السياحة؛ حيث ارتفعت إيرادات السياحة في القارة بأكثر من 50% عنها في تسعينيات القرن الماضي (من 2.3 مليار دولار إلى 3.7 مليار دولار)، بينما زاد إجمالي عدد الوافدين الدوليين إلى القارة بنحو 300 في المائة (من 6.7 ملايين في عام 1990 إلى 26.2 مليون في عام 2000م).

وقد عزَّز استمرارَ هذه الاتجاهات في القرن الحادي والعشرين فترةٌ من النمو الاقتصادي والتحسينات في الاستقرار السياسي والانفتاح بجميع أنحاء إفريقيا. بل واصلتِ القارة خلال الأزمة المالية العالمية عامي 2007-2008م نُمُوّها في صناعة السياحة، بينما انخفض نُمُوّ القارات الأخرى؛ إذ زاد عدد الوافدين إلى إفريقيا بنسبة 3.7 في المائة في الفترة 2008-2009م. وما زالت القارة تحافظ على تقدّمها في مجال السفر والسياحة لتصبح فيما بين عامي 2018 و2019م ثاني أسرع المناطق نُمُوًّا في هذا المجال.

نجاحات قطاع السفر والسياحة في أفريقيا


أكّدت البيانات الجديدة من منظمة السياحة العالمية هذا التوجّه الإيجابي في إفريقيا؛ ففي عام 2017م نما قطاع السفر والسياحة في القارة بمعدل أسرع من أيّ منطقة أو قارّة عالمية أخرى، وبضِعف وتيرة النمو الاقتصاد العالمي. وقدَّم القطاع أربعة أضعاف الوظائف للأفارقة مقارنةً بالقطاع المصرفي؛ حيث حصل 22.8 مليون شخص عبر هذا القطاع على وظائف في جميع أنحاء القارة. إضافة إلى الإنفاق السياحي القوي؛ حيث يمثل قطاع السياحة 9.7٪ من إجمالي صادرات إفريقيا.

وبحسب التقديرات لعام 2017م، فإن عدد السياح الدوليين في القارة زاد بنسبة 8.6٪ مقارنة بمتوسط عالمي قدره 7٪. وبعبارة أخرى: جلب حوالي 63 مليون زائر دولي ما قدره 37 مليار دولار إلى إفريقيا في عام 2017م.

[caption id="attachment_1324" align="aligncenter" width="700"] قارة إفريقيا ثاني أسرع المناطق نُمُوًّا من حيث السياحة بعد آسيا والمحيط الهادئ (2018/2019م).[/caption]

ففي شمال إفريقيا؛ بدأ المصطافون الأوروبيون ينجذبون تدريجيًّا إلى دول المنطقة بعد الهجمات الإرهابية التي أثَّرت بشدة على قطاع السياحة فيها. وشهدت تونس نُمُوًّا بنسبة 23٪ حيث جذبت أكثر من 7 ملايين سائح، بينما جذبت المغرب مليون زائر إضافي في عام 2017م مقارنة بعام 2016م.

وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ زار جنوب إفريقيا أكثرُ من 10 ملايين وافد، وفي زيمبابوي 2.4 مليون وافد، وفي كوت ديفوار 1.5 مليون وافد. وأفادت الإحصاءات الحكومية الأخيرة في كينيا الواقعة بشرق إفريقيا إلى أن عدد زوار البلاد ارتفع إلى أكثر من مليونين في عام 2018م (من 1.4 مليون زائر عام 2017م). وأدى اهتمام الشباب بالسياحة المحلية في نيجيريا واستثمار الشركات المحلية والعالمية في قطاع السياحة إلى زيارة قرابة 1.9 وافد دولي للبلاد في عام 2016م، وجلب القطاع بشكل مباشر حوالي 2٪ من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

وإذ أدَّى التسهيل في قواعد التأشيرة بإثيوبيا، إلى جانب تحسين البنية التحتية للنقل؛ إلى ازدهار صناعة السياحة في البلاد بزيادة 48.6٪ وتحقيق 7.4 مليار دولار في عام 2018م، فقد سجّلت وجهات السياحة الجزرية -مثل سيشيل والرأس الأخضر- نُمُوًّا مضاعفًا في عدد الوافدين إليها بسبب زيادة التوصيل الجوي وتسهيل عمليات السفر.

ويأتي هذا النمو في قطاع السياحة والسفر بإفريقيا نتيجة للخطوات والإصلاحات الملحوظة التي تتَّخذها القارة لتحسين السفر والاتصال مع الدول والمناطق الأخرى. وتتصدر هذه الخطوات مبادرة الاتحاد الإفريقي لتوحيد الأسواق الجويَّة ودعواته للدول الإفريقية إلى تخفيف لوائح التأشيرات؛ لتحسين السفر بين مواطنيها وشعوب القارة. إضافةً إلى إلغاء عدد من الحكومات الإفريقية قيودَ التأشيرات وإجراءات إطلاق المنتجات العالمية في دولها؛ وذلك لتعزيز الاستثمار وزيارات العمل المنتظمة من قارة آسيا.

إمكانات وتحدّيات


وجد تقرير 2019م الصادر عن شركة "Jumia" الإفريقية أن غالبية الزوار الأجانب كانوا من المصطافين، وأن 71٪ من الإنفاق السياحي في جميع أنحاء إفريقيا كان على الأنشطة الترفيهية، ما يؤكّد مكانة أنشطة التراث الثقافية والحفلات المختلفة داخل القارة، وأهمية ما تتمتع به إفريقيا من مواقع أثرية وأصول بيئية ضخمة وموارد طبيعية.

ويشير التقرير أيضًا إلى نجاح المبادرات الحكومية –كالتي قامت بها كينيا ورواندا وجنوب إفريقيا- لتعزيز السياحة إلى القارة. وهناك استراتيجيات أخرى ساهمت في النموّ السياحي؛ مثل: تنظيم الدول أو المؤسسات عدة اجتماعات ومسابقات ومؤتمرات، وكلها تؤدي تلقائيًّا إلى تذوّق الزائرين لجمال بيئة هذه الدول وتراثها، وتجذب الأعمال التجارية الدولية.

واستجابةً لهذا النمو في قطاع السفر والسياحة، بدأت العلامات التجارية من الشركات العالمية تكثّف استثماراتها في بناء المزيد من الفنادق الكبيرة في مختلف المدن الإفريقية. وأصبحت تطبيقات السفر وشركات السياحة العالمية –بما فيها Airbnb– تقدم للسياح والمسافرين عروضًا وبدائل ووجهات سفر إفريقية متعددة، وتوفر لهم أدلة السفر للمدن الإفريقية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من كلّ هذه النجاحات والإنجازات لقطاع السفر والسياحة بإفريقيا؛ إلا أن هناك الكثير من الأعمال التي يجب القيام بها كي تحصل إفريقيا على نصيبها المستحق في صناعة السياحة العالمية، خصوصًا وأنَّ حصة الدول الإفريقية في رحلات السفر العالمية في عام 2017م لم تَعْدُ 5٪، بينما حصلت على 3٪ فقط من إجمالي الإيرادات السياحية العالمية.

وفي وجهة مسؤولي شركات السفر والسياحة الإفريقية، فإن هناك ما يُبَشِّر بالخير بالنظر إلى نجاح الاستراتيجيات المختلفة؛ ومنها: حملة "عام العودة"؛ لجذب الشتات الأسود من الأمريكتين وعودتهم إلى القارة. بل ويدعو مستقبل السياحة في القارة للتفاؤل أيضًا للتأثير الإيجابي الذي ستُحدثه "منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية" (AfCFTA) التي دخلت حيز التنفيذ في نهاية مايو الماضي.

"من المؤكد أن هذه المبادرة (أي: AfCFTA) ستزيد من حجم الأعمال التجارية داخل المنطقة، وبالتالي يحقق فوائد اقتصادية هائلة للقارة"؛ هكذا قالت "ايستيلّي فيردير" – رئيسة مجموعة Jumia Travel.

ـــــــــ

تنبيه: نشرتُ المقال أيضا في دورية قراءات أفريقية.