رواندا و بورندي.. إلى متى يستمرّ الصراع بين الجارتين ؟ - حكيم ألادي نجم الدين

الاثنين، 16 أكتوبر 2017

رواندا و بورندي.. إلى متى يستمرّ الصراع بين الجارتين ؟

كانت بوروندى و رواندا, الدولتان الصغيرتان في البحيرات العظمى تدار في السابق كإقليم موحد باسم "رواندا-أوروندي" (الامبراطورية الألمانية استولت على المملكتين المستقلتين: رواندا و بوروندي, وضمتهما مع بعضهما في عام 1894), قبل أن يخضع الإقليم لانتداب بلجيكي وافق فيما بعد على فصلهما كبلدين و "مَنْحِهِمَا" الاستقلال فى عام 1962.

فلم تقتصر فقط أوجه التشابه بين البلدين على كون إثنياتهما متشابهة، ونسبة كثافة سكانهما ضئيلة ومواردهما الطبيعية شحيحة, وتعتمدان على الزراعة وتشتركان في الحدود التي شكلتها مصالح القوى الكولونيالية - بل هناك أوجه تشابه في المسار.

ولم يمنع التاريخ المشترك من تدهور العلاقات بينهما - والذي وصل ذروته في إبريل عام 2015 عندما قرر الرئيس البوروندى "بيير نكورونزيزا" الترشح لولايته الثالثة المثيرة للجدل - ما يعني انتهاكا صريحا لدستور البلاد وخرقا لاتفاق أروشا عام 2000 الذى أنهى حربا أهلية استمرت لعقد من الزمن.

اقرأ أيضا: جذور الأزمة المتصاعدة بين رواندا وأوغندا وآثارها الإقليمية


ففي ديسمبر 2016، استدعت الحكومة البوروندية سفيرها لدى بلجيكا بسبب تدهور العلاقات بينهما, ووجهت بوروندي إلى بلجيكا تهمة استضافة بعض البورونديين الذين قاموا بانقلاب فاشل في 13 مايو 2015 والذين يزعزعون استقرار الحكومة البوروندية، إضافة إلى أن بلجيكا تؤثر على جميع القرارات التى اتخذها الاتحاد الأوروبى ضدها وضد مواطنيها البورونديين.

واتهمتْ بوروندي جارتها رواندا بدعم مرتكبي هذه المؤامرة, و استضافة المتمردين البورونديين الذين كانوا لاجئين في رواندا لمحاربة الحكومة البوروندية, وهي تُهَم نفتها رواندا ليستمر تأزم العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.. بل بحسب التصريحات من الجانبين, فإن المسألة لم تنتهِ بعد.

"إن رواندا و بلجيكا تتعاونان بشكل وثيق مع الاشخاص الذين حاولوا تنفيذ مؤامرة الانقلاب في بوروندي عام 1995 وتسليح لاجئين لعرقلة أمن بوروندي," قال ثيرنس نتاهراجا مساعد وزير الشؤون الداخلية البوروندية يوم السبت الماضي.

وقال نتاهراجا "إن البلدين (رواندا و بلجيكا) مسؤولان عن اغتيال العديد من الزعماء البورونديين مثل بطلنا الاستقلالى الأمير لويس رواجاسور، ونطالب الأمم المتحدة باقناع البلدين بوقف استفزازنا.

"قبل ثلاثة أيام تم ضبط اكثر من 42 بندقية داخل مخيم ندوتا للاجئين فى تنزانيا وقبل اقل من شهر، تم القبض على تسعة اشخاص يخبرون الناس داخل مخيم ندوتا للاجئين بعدم العودة الى ديارهم فى بوروندى," يضيف مساعد وزير الشؤون الداخلية البوروندية.

وقد رفضت السلطات الرواندية كل الاتهامات, بما فيها تلك الموجهة إليها فى تقرير خبراء الأمم المتحدة بدعم المتمردين فى بوروندى المجاورة, وأشارت الحكومة الرواندية إلى أن واضعي التقرير يحاولون إثارة الاضطرابات فى المنطقة.

"إن هؤلاء الذين يكتبون مثل هذه القصص يمكن تعبئتهم ليكونوا نافعين فى معالجة قصص مشاكل البلاد (بوروندي) بدلا من إثارة أو خلق مشاكل لا ينبغي وجودها," قال الرئيس الرواندى بول كاغامى فى مؤتمر صحفى بكيغالى العام الماضي.

وقال كاغامى إنه يتعين على بوروندى "أن تنظر فى أى مشاكل تواجهها كمشاكلها الخاصة بدلا من جعلها تبدو وكأنها مشكلة تنبع من أماكن اخرى".

ومع عدم وجود حل سياسي في الأفق، وخصوصا وأن رئيسي البلدين ما زالا ينويان مواصلة الحكم لفترة طويلة، فقد تبقى رواندا وبوروندي جارتين متناحرتين, لأن كاغامي يرى أن نكورونزيزا هو المشكلة والعكس صحيح.

إن النظر في تاريخ وسياسة كل من رواندا وبوروندي, وأزمة العلاقات بينهما, يعطي فكرة عن طبيعة مشاكل الحكم في أفريقيا وحقيقتها - على الرغم من أن البعض يرون أن "أيادٍ خارجية" تتلاعب بالجارتين.. وهذا لا يتناقض مع حقيقة أن دول أفريقيا بحاجة إلى مؤسسات أصيلة - وليست التي تطبق كل ما جاء في المقررات والكتب المدرسية المتمثلة في الديمقراطيات الأوروبية والأمريكية, ولكن تلك التي تتكيف مع الواقع الأفريقي وطبيعة سكان القارة وفلسفاتهم الخاصة!